środa, 28 listopada 2018

الحقبة العثمانية في بلاد العرب

الحقبة العثمانية في بلاد العرب... فتح مبين أم غزو أثيم؟
هل كان دخول العثمانيين بلاد العرب منذ 500 عام غزواً أم فتحاً؟ وهل الحقبة التي استمرت فيها معظم البلدان العربية تحت الحكم العثماني أربعة قرون احتلال أجنبي أم وحدة تحت راية دولة الخلافة؟ وهل كان العثمانيون سبباً في تخلف العرب أم أسهموا في نهضة وعمران المدن

قبائل بلا حضارة

Sultan_Osmanعثمان غازي
العربية؟
هكذا يروي الدكتور عاصم الدسوقي أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر بجامعة حلوان، وقائع نشأة الدولة العثمانية، ويقول: "تولى أمرها عثمان غازي الذي ينسب إليه مسمى الدولة العثمانية، وذلك بالقرب من حدود الدولة البيزنطية التي كانت تعيش طور اضمحلالها. وخلال الصراع بين أباطرة بيزنطية، استعان أحدهم بعثمان وجيشه، مما فتح الطريق أمام العثمانيين لاحتلال البلقان في منتصف القرن الثالث عشر".
يؤكد الدسوقي أن القبائل العثمانية كانت تتصف بالشجاعة والإقدام، ما مكنها من فرض سيطرتها على البلقان، واستطاعت في منتصف القرن الخامس عشر، وتحديداً عام 1453، دخول القسطنطينية وإسقاط الدولة البيزنطية، فأطلقت عليه اسم إسلام بول واتخذتها عاصمة لها.

المال والسيادة

Battle_of_Nicopolis



ضاقت على العثمانيين التوسعات في أوروبا، وانهزموا أمام النمسا وروسيا، فاتجهوا مطلع القرن السادس عشر إلى بلاد العرب التي ظلت تحت سيطرتهم أربعة قرون.
كان للبلاد العربية وقتها حضارتها، فترك العثمانيون الناس على ما هم عليه واكتفوا بالولاء، من خلال تعيين ولاة عثمانيين لا يبقون في الحكم طويلاً ويعينون لمدة ثلاث سنوات مخافة أن يستقلوا عن الدولة المركزية، التي وأدت أي محاولة للتمرد عليها.
عاش العرب في ظل العثمانيين على حضاراتهم السابقة، وانقسمت المجتمعات العربية إلى طوائف متعددة سواء دينية أو حرفية.
أنشأت الدولة العثمانية وظيفة السروجي ومهمته جمع المال من الولايات المختلفة، وفي ظل هذا النمط من الحكم القائم على ولاة مؤقتين وشيوخ الطوائف ترسخت فجوة كبيرة بين الشعوب بهذه الأفكار استكمل الدسوقي تلخيصه قصة السلطنة العثماية، ولخص أستاذ التاريخ المعاصر علاقة الدولة العثمانية ببلاد العرب في ثلاث كلمات فقط "مال وسيادة وسيطرة".
أقوال جاهزة
شاركغرد"يمكن تلخيص علاقة الدولة العثمانية ببلاد العرب في ثلاث كلمات فقط: مال وسيادة وسيطرة"
شاركغردصورة الدولة العثمانية تتغير من فترة إلى أخرى ومن منطقة إلى أخرى، فصورتهم في مصر تختلف عن صورتهم في الشام

العزلة العربية

صورة متغيرة وجدل متواصل

يوضح الدكتور محمد عفيفي، رئيس قسم التاريخ بكلية الآداب في جامعة القاهرة، لرصيف22 أن "صورة الدولة العثمانية تتغير من فترة إلى أخرى ومن تيار فكري لآخر، ومن منطقة إلى أخرى، فصورة العثمانيين في مصر تختلف عن صورتهم في الشام والمغرب العربي".

الصورة القاتمة التي رسمها بعض المؤرخين للحقبة العثمانية خاطئة، فالدولة العثمانية تميزت بالتسامح الديني

ويضيف أنه رغم مرور 500 عام على ضم السلطنة لبلاد العرب، فإن الجدل ما زال مستمراً حول تقييم الحقبة العثمانية. ومنذ الثورة العربية التي قادها الشريف حسين مطلع القرن العشرين، تتكرر الأسئلة نفسها بشأن العثمانيين: هل هم غزاة أم فاتحون، وهل نعمت البلاد العربية تحت حكمهم بالاستقرار والوحدة وتمتعت بالحماية من الاحتلال الأجنبي أم العكس؟
وانتقل الجدل حول العثمانيين، بحسب عفيفي، من ساحة التاريخ إلى ساحة السياسة والدين. فحسن البنا أقام جماعة الإخوان المسلمين بعد إلغاء الخلافة العثمانية نتيجة إحساسه بأن تاريخ الإسلام في خطر، لينقل الجدل حول الدولة العثمانية إلى ساحة الدين، وبعدها انتقل إلى ساحة السياسة من خلال الصراع بين التيارات القومية والإسلامية.
"وهنا خطورة المسالة في إطلاق الأحكام الجامدة على الحقبة العثمانية سواء "أبيض أو اسود" يقول عفيفي.

نهضة ونكبة

فالحقيقة، يكمل عفيفي، أن العثمانيين حكموا المنطقة العربية أربعة قرون، فيها سنوات نهضة وسنوات فشل، مشيراً إلى أن اختزال مصطلح "عثماني" في العرق التركي خطأ جسيم، فالذي شارك في الدولة العثمانية أجناس متعددة ولغات مختلفة بما فيها العرب الذين شاركوا في الحضارة والسياسة في تلك الفترة.
ويرفض عفيفي القول إن الحقبة العثمانية لم تشهد ازدهاراً أو نهضة حضارية، مبيّناً أن بلاد العرب في ظل العثمانيين مرت بفترات قوة. فمصر على سبيل المثال لعبت دوراً مهماً بحكم موقعها وتاريخها.
لكن الدولة العثمانية شهدت فترات ضعف وانكسار وصلت إلى وصفها برجل أوروبا المريض، وكان للنهاية الدرامية للدولة العثمانية دور في تسهيل الاستعمار الأجنبي للبلاد العربية، وكان ذلك سبباً رئيسياً في الصدام بين العرب والترك في تلك الفترة.

التسامح الديني

الصورة القاتمة التي رسمها بعض المؤرخين للحقبة العثمانية خاطئة، فالدولة العثمانية تميزت بالتسامح الديني وكانت الملاذ الآمن لمسلمي الأندلس بعد سقوطها كما آوت اليهود الذين عانوا الاضطهاد العنصري في أوروبا، يقول عفيفي.

"شيطنة الدولة العثمانية أو إضفاء المسحات الملائكية عليها، موقف نابع من التوجهات الفكرية لأصحابه، فالمادحون ينظرون إليها كونها آخر دول الخلافة ورمز الوحدة الإسلامية، بينما الذامون ينظرون إليها كرمز لتخلف الإسلاميين"

ولم تكن إدارة الدولة العثمانية تتدخل في الشؤون الداخلية للبلاد العربية، فكانت تترك حرية رسم السياسة الداخلية للأقاليم، واكتفت بحقوق السيادة والدفاع وجمع الضرائب وتطبيق الشرع، ووضعت نظام الملل لإدارة شؤون غير المسلمين بشكل يضمن استقلالهم في عباداتهم وأحوالهم الشخصية.
وكان نظام الطوائف يضمن لأصحاب الحرفة الواحدة التجمع في ما يشبه النقابات وانتخاب كبيرهم وتنظيم شؤونهم بأنفسهم.
وينفي عفيفي تدهور المدن العربية في الحقبة العثمانية، مرجِعاً آثار الخراب الذي عانت منه مدن العراق والشام إلى الغارات المغولية، ولافتاً إلى أن المدن العربية شهدت في العصر العثماني نمواً سكانياً ملحوظاً.

التوصيف الأيديولوجي

"توصيف دخول العثمانيين البلاد العربية، بالغزو أو الفتح، يمثل أيديولوجيا بحتة"، وفق عفيفي، فالمحبون للدولة العثمانية يطلقون على ذلك لقب فتح، بينما كارهوها يصفونه بالغزو، رغم أن كلمة غازٍ في اللغة العثمانية لقب فخم، مشيراً إلى أنه "لا توجد مشكلة بين غزو وفتح، لكن التوصيف يخضع للتوظيف السياسي".
وبرأي عفيفي، فإن الحقبة العثمانية يجب أن تظل محل الدراسات التاريخية، وألا ينتقل تأثيرها للحاضر، فالخلافة العثمانية سقطت، وعودتها من المحال، فالماضي لا يعود، مضيفاً: "بينما العالم يتجاوز حروبه وخلافاته مثلما حدث بين ألمانيا وفرنسا، فإن العرب ما زالوا يعيشون في كهف التاريخ"

حماية ووحدة

يقول الباحث كريم عبد المجيد المتخصص في التاريخ العثماني لرصيف22، إن الدولة العثمانية ساهمت في حماية الأقطار العربية ومنع الاحتلال الأوروبي لها لقرون، فبانضمام الولايات العربية تحت رايتها أصبحت جزءاً من الدولة العثمانية التي كانت من أقطاب العالم والاقتراب من أراضيها كان يعتبر انتحاراً.
والوحدة السياسية التي وفرتها الدولة لمساحات شاسعة لم تعرف الاتصال السياسي منذ سقوط الدولة العباسية، ساعدت على تنشيط الاقتصاد والتجارة وزيادة عمران الأقطار العربية.

تطور عمراني

era-dinasti-ottoman-_140422105735-601
يبيّن عبد المجيد أن عدداً من المدن العربية برزت تحت حكم العثمانيين كمراكز حضارية وعلمية، مثل مكة المكرمة والمدينة والمنورة والقدس وبغداد ودمشق.
وشهدت القاهرة العثمانية خلال الحكم العثماني تطوراً عمرانياً كبيراً تمثل في تعمير المناطق الخربة واستحداث 141 مسجداً ومدرسة و101 وكالة تجارية و17 خاناً، فتضاعف نمو المناطق الاقتصادية وزادت مساحة القاهرة العمرانية 50%، فكانت القاهرة المدينة الثانية بعد إسطنبول، وكانت عامرة بالقصور والتكايا والمدارس والجوامع والحمامات العامة والأسواق والحدائق.

طور الضعف

ينفي عبد المجيد أيضاً تسبب العثمانيين في تعرض العرب للاستعمار الأجنبي، موضحاً أن "مركز الدولة العثمانية نفسه تعرض للتهديد من القوى الأوروبية في القرن التاسع عشر، فكل الأراضي العثمانية، وليست العربية، نالها الاستعمار، فالضعف كان عاماً، ولم يخص قطراً بعينه، لأن الدولة بلغت طور الضعف الموجود في مراحل عمر الدول".
ويرى عبد المجيد أن "شيطنة الدولة العثمانية أو إضفاء المسحات الملائكية عليها، موقف نابع من التوجهات الفكرية لأصحابه، فالمادحون ينظرون إليها كونها آخر دول الخلافة ورمز الوحدة الإسلامية، بينما الذامون ينظرون إليها كرمز لتخلف الإسلاميين".

التعليقات

المقال التالي

6 مواقف أثار فيها الإعلام المصري عداوات مع دول عربية

خيّم التوتر من جديد على العلاقات المصرية السودانية بعد إصدار اتحاد الصحافيين السودانيين بياناً هو الأول من نوعه، في تاريخ العلاقات بين البلدان العربية، يطلب فيه طرد جميع ممثلي المؤسسات الصحافية المصرية بالسودان، والتبرؤ من التوقيع على أي ميثاق شرف مع الإعلام المصري.
أتى ذلك بعد توالي حظر القاهرة دخول صحافيين سودانيين إلى مصر، بدعوى تحريضهم على البلاد، في إطار الحرب الإعلامية الدائرة بين البلدين.
بيان الاتحاد جاء بعد حوالي أسبوع من زيارة وزير الخارجية المصري سامح شكري إلى السودان، لتهدئة الأجواء بين البلدين، إثر فترة غليان كادت تتجه بالعلاقات بينهما إلى قطيعة دبلوماسية، وربما إلى ما هو أبعد من ذلك، في ظل ملفات حدودية ملتهبة، وعلاقات سياسية معقدة.
كان التهور وعدم المهنية من بعض الإعلاميين المصريين الذين شنوا حملة إساءات للرئيس السوداني عمر البشير، وراء تأسيس علاقة توترية تآمرية بين البلدين.
وركز الإعلاميون على احتواء السودان بعض قيادات وعناصر جماعة الإخوان المسلمين، المعلنة "إرهابية" في مصر منذ ديسمبر 2013، إثر عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي، وعلى توجيه اتهامات للسودان بعقد صفقات خلفية مع أثيوبيا، على حساب مصر، في قضية سد النهضة.
وانتقل التوتر من الشاشات سريعاً إلى دهاليز الأجهزة الحاكمة، ومنها إلى قطاعات كبيرة من الشعبين، وأصبحت وسائل التواصل الاجتماعي ساحات حرب كلامية بين الطرفين.
مسؤولية الإعلام المصري عن إحداث شروخ ومنحنيات في العلاقة بين مصر والسودان بدرجة غير مسبوقة، عبّر عنها البشير في لقاء له مع إحدى الفضائيات العربية، وحمّله صراحة مسؤولية تدهور العلاقات بين البلدين.
ولم تكن أزمة السودان هي الأولى التي يتورط في إشعالها بعض الإعلاميين المصريين، فعلى مدار السنوات الماضية، سواء في أواخر عهد مبارك، أو بعد ثورة 25 يناير، كان الإعلام شريكاً أو بالأحرى محركاً لأغلب الأزمات التي اندلعت بين مصر وأشقائها العرب.
وساهمت حالة السيولة الإعلامية، والرواج الفضائي لبعض الإعلاميين المصريين، في ظهور أداء منفلت، لا يراعي الظروف الدقيقة التي تمر بها الدول العربية، ولا يدرك الحساسيات التي تسيطر على العلاقات العربية العربية، والتي قد تتأزم وتسير في طريق غير مأمون العواقب، بسبب مجرد هزيمة في مبارة كرة قدم.

أزمة بين مصر والجزائر

الحساسية المفرطة بين البلدان العربية كادت أن تدق أبواق الحرب بين مصر والجزائر، خلال منافسات تصفيات كرة القدم للصعود إلى كأس العالم في 2009.
وسكب وقتها بعض إعلاميي مصر والجزائر، ووسائل إعلامية إقليمية، البنزين على النار بين البلدين، ونتجت عن ذلك مصادمات دامية بين الجماهير في المباراة الفاصلة، التي لعبها منتخبا مصر والجزائر في السودان، لتحديد الفريق الصاعد للنهائيات بعدما تعادلا في عدد النقاط.
أقوال جاهزة
شاركغردأمثلة كثيرة تشير إلى ميل جزء كبير من الإعلام المصري إلى "صناعة الأزمات"
شاركغردالحساسية المفرطة بين البلدان العربية كادت أن تدق أبواق الحرب أكثر من مرة... والمسؤول الإعلام
وسريعاً عقدت المحاكمات على الشاشات المصرية والجزائرية والعربية، لا للحل بل لإعطاء الفرصة للإعلاميين للظهور في ثوب المناضلين عبر "شرشحة" إعلامية مخجلة، وصلت إلى الطعن في أصول الشعب الجزائري، وإهانته بأكمله من الإعلامي المصري، لاعب الكرة السابق، مصطفي عبده.
وكما شهدت الأزمة في مصر من أجاد استخدامها، وجدت الجزائر من أشعلها وجعلها حرباً دولية بين البلدين.
سارع الكاتب والإعلامي الجزائري، يحيى أبو زكريا للتنظير في القضية، واعتبرها سياسية بالأساس لمجرد طلب الجزائر تدوير منصب الجامعة العربية، وعدم إبقائه حكراً على دولة المقر، ما دعا مصر للانتقام بهذا الطريقة، لتصبح أية فعالية طرفاها مصر والجزائر، غير مأمونة العواقب حتى اليوم.


أزمة بين مصر والعراق

بعد ثورة 25 يناير وحالة السيولة الإعلامية التي سيطرت على الشاشات، انفرط عقد الإعلام وظهرت لغة جديدة تعتمد على التشنج، حتى لو كان ذلك برأي الإعلامي توفيق عكاشة "نصائح" يوجهها للشعب العراقي، الذي كال له الشتائم في ثوب وعظ سياسي خوفاً عليه من المجهول الذي ينتظره، حسب وصفه.
ولاقت نصائح عكاشة حالة من السخط في العراق، وتسابق الإعلاميون العراقيون في الظهور للرد على شتائم عكاشة، وتحول الأمر إلى كوميديا سوداء.
ولم يكن هناك رد يعبر عن ذلك، أوضح من هجوم الفنان والإعلامي العراقي ناهي مهدي، الذي بادل عكاشة الإساءات بطريقة تقترب من أدائه الفريد في الإعلام العربي، وكال له الشتائم هو الآخر على الهواء مباشرة، وطالب الخارجية المصرية بالاعتذار عن إهانات صاحب قناة الفراعين غير المبررة.

أزمة بين مصر والسوريين

ومن الكوميديا السوداء إلى الاستخفاف، وعدم مراعاة مِحَن الشعوب التي ألمّت بها كوارث الربيع العربي، إذ سخر الممثل المصري أحمد آدم، الذي يقدم برنامجاً إعلامياً ساخراً يتناول فيه الأحداث العامة مما أسماه "إدعاءات السوريين حول شظف العيش في حلب"، ما اعتبره البعض محاولة لتقديم اسكتشات ساخرة على حساب آلام الشعب السوري.
ولم يكن هناك رد واضح ومباشر على ادعاءات آدم بأن حلب آمنة، ولا يوجد فيها دمار، أبرز من فيديو مؤثر لشيخ سوري، معه طفلتان تتحدثان عن الدمار الذي لحق بسوريا بأكملها. ولاقت كلمات الشيخ صدى واسعاً في مصر، وتبارى الإعلاميون المصريون في الخروج للاعتذار عن إساءات الكوميديان للمصريين.
ومن أحمد آدم إلى ريهام سعيد، المذيعة التي أوقعت نفسها في أزمات عدة أوصلتها إلى الابتعاد عن الشاشة المصرية لعدة أشهر.
إحدى هذه الأزمات كان توزيعها مساعدات للاجئين السوريين في لبنان، وهي تلّفُ جسدها بالعلم المصري، معتبرةً أن ما حدث في سوريا كان نتيجة عملية للفتنة والصراع السياسي، وراحت تشرح بطريقة مُنفرة تدافع السوريين للحصول على المساعدات الإنسانية.

أزمة بين مصر وقطر

تحولت الخلافات السياسية بين مصر وقطر، بُعيد عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي، إلى قطيعة غير مسبوقة، وعززت من اشتعال الأزمة إساءات إعلامية تخطت الأعراف المهنية، منها هاشتاغ مسيء إلى أمير قطر، نقلته إحدى كبريات الصحف الخاصة عن موقع تويتر، ووضعته في صدر موقعها الإلكتروني على خلفية انسحاب الرئيس المصري، أثناء إلقاء أمير قطر كلمته.
ما دعا الإعلامي المصري مجدي طنطاوي لإدانة الجريدة ورئيس تحريرها وتوبيخه على الهواء مباشرة.
ويتبارى بعض الإعلاميين المصريين على كيل الشتائم لرموز الدولة القطرية، على الرغم من اعتراض الرئيس السيسي علانية، في أكثر من موضع، على مجرد مبادلة الإساءة مع الإعلام القطري.
ومن آخر الأزمات تهجم المصريين على الشيخة موزة، والدة أمير قطر، بعد زيارتها للسودان.
وقال السيسي في أحد أحاديثه إنه اعتذر لأمير قطر، الشيخ تميم بن حمد في لقاء معه، عن إهانات بعض الإعلاميين المصريين لوالدته الشيخة موزة، ولكن لم يغير الاعتذار في الأمر شيئاً.
استمرت الشتائم حاضرة في كل تقرير موجه، تنتجه قناة الجزيرة عن الأحداث في مصر، ولم يكتفِ مقدمو البرامج باستضافة الشخصيات التي تكيل القدح للقطريين، بل تفنن بعضهم في السخرية بشكل غريب ومستفز.
ومن الأمثلة ما فعله الإعلامي محمد موسى الذي أهدى ثمرة الخيار على الهواء لأمير قطر.
سخرية الإعلام المصري من العائلة الحاكمة القطرية لم تجد إلا تقارير نارية من قناة الجزيرة تطعن في شرعية النظام المصري، في الوقت الذي يشن فيه صحفيون وإعلاميون قطريون وخاصة المقربون للسلطات الحاكمة، حملات يومية للتهكم والسخرية من الرئيس المصري على وسائل التواصل الاجتماعي، وأبرز من يقوم بذلك الدور هو الصحافي القطري الشهير عبد الله العذبة.

أزمة بين مصر والسعودية

وكان الكاتب الصحافي والإعلامي إبراهيم عيسى، قبل توقف برنامجه، يتبنى تقديم رؤى فكرية وأيديولوجية تناهض التيارات الإسلامية بشكل عام، والوهابية السعودية بصفة خاصة، لذا كان يهاجم المملكة كثيراً.
الأمر الذي استقبلته الدوائر الإعلامية والسياسية السعودية، على أنه وغيره من الإعلاميين دائمو الانتقاد للملكة، مدعومين من النظام المصري للإساءة إلى بلاد الحرمين ورموزها.
بعض دوائر الإعلام في المملكة نقلاً عن دوائر الحكم، كانت تربط بين توجهات رسمية مصرية وبين تأكيد عيسى عبر أحاديثه المتلفزة أن السعودية غير مؤهلة لقيادة العالم العربي والإسلامي، بسبب خلفياتها الثقافية المتشددة، ما جعل نظرية المؤامرة الإعلامية حديث الصباح والمساء في البلدين، طوال أشهر.
ويرى البعض أن الهجوم الإعلامي المصري على المملكة كان أحد أسباب اهتزاز العلاقة بين البلدين، التي وصلت حد التجميد، قبل انفراجها أخيراً ثم عودتها إلى التوتر ثم انفراجها.
ولجأ السعوديون لمواجهة اتهامات التشدد والوهابية بالسخرية من الأوضاع الاقتصادية المصرية السيئة، ومنها ما قاله الأمير نايف بن فواز الشعلان، خلال استضافته على إحدى قنوات المملكة، بلغة تهكمية، أن تركيا تؤيد السعودية، لأن الأخيرة لم تعطها "رز"، في إشارة إلى مساعدات المملكة لمصر، والتي لم تشفع لها عند النظام المصري لتبني وجهة نظرها في المحافل الدولية، تجاه الملف السوري على وجه التحديد.
ويرى الخبير الإعلامي ياسر عبد العزيز أن صناعة الأزمات في الإعلام المصري، أصبحت أزمة كبيرة في ذاتها، وأوضح لرصيف22 أنها تزداد في الإعلام الخاص مقارنة بالإعلام الحكومي، الأكثر التزاماً وحرصاً على رصانة العلاقات الدولية بالرغم من خروجه إلى حد كبير من دوائر المنافسة لأسباب متفرقة.
ويلفت عبد العزيز إلى أن تجاهل القضايا المهمة والتركيز على المشاجرات واستخدام اللغة المتدنية يجعلان الجمهور المصري نفسه، يبتعد عن الشاشات المصرية ويتجه للإقليمية والدولية الأكثر توازناً، مطالباً الإعلاميين بفهم الدور الحقيقي للإعلام والابتعاد عن الإثارة والفتن في وقت شديد الحساسية للمنطقة بأكملها.
كلمات مفتاحية
الإعلام السودان مصر
العربية والدولة العثمانية.

Brak komentarzy:

Prześlij komentarz