تعتبر علاقات الدولة العلوية مع العثمانيين قديمة حيث لم تكن بدايتها مع السلطان مولاي إسماعيل بل هي استمرار للعلاقات التي ربطت البلدين خلال حكم المولى محمد والسلطان المولى الرشيد، ففي أعقاب وفاة المولى محمد بن الشريف وجلوس أخيه المولى الرشيد على كرسي العرش كانت تصل رسائل عثمانية لدى المولى الرشيد تطالبه أن لا يسمح لجيشه بالتوغل في الأراضي التي توجد تحت نفوذ العثمانيين على أن يقلعوا بدورهم عن كل محاولة للتوسع ورغبة من المولى الرشيد في استقرار الأحوال استجاب لمطلب الترك، وضمن ذلك في كتاب منه إلى الوالي التركي بالجزائر، وكان الكتاب يحتوي على رسم الحدود التي تفصل الأراضي المغربية عن الإيالة العثمانية وهكذا ثم الاتفاق بين الطرفان بجعل “وادي تافنة” كحد بين البلدين(1)، وبعد ذلك تحسنت العلاقات بين البلدين في عهد المولى إسماعيل بل كانت الروابط الدينية أقوى من ذلك من أن تتأثر بما حصل بين الجانبين، فقد كانت تلك الروابط أقوى في التمكين العلاقة بين الدولتين(2 )، فقد تميزت فترة السلطان إسماعيل بعدة مناوشات بينه وبين الأتراك الجزائر ظهرت آثارها سواء في الوثائق المغربية أو التركية أو الفرنسية وغيرها، بالرغم من اتفاق منذ بداية ايام السلطان مولى إسماعيل على إقرار ما تم بين أخويه محمد والرشيد وبين أتراك الجزائر من جعل الحد هو “وادي تافنا”(3 ). ظل السلطان إسماعيل رغم علمه بما انتهى إليه أخويه محمد والرشيد كما سبقت الإشارة إلى ذلك حول اتفاق الذي تم مع الأول وأكده الثاني، لكنه عاد لمهاجمة الأتراك فبمجرد ما استطاع أن يفعل ذلك الأمر سنة 1089هـ/1678م، على أنه ما كان ليقوم بذلك لولا أن الأتراك اختاروا وقت انشغاله بحرب ابن أخيه “أحمد بن محرز” في سوس ثم أخذوا يناوشون سكان مناطق الحدود الشرقية من المغرب، ومع ذلك عاد الاتفاق الذي التزم به مع السلطان مصطفى حان الثاني 1106هـ/1694م(4) وفي تلك الأثناء كان السلطان يعتقد أن أمر ابن محرز قد انتهى بعد طرده من منطقة لاسيما بعد عقد هدنة مع أتراك الجزائر إلا أن أخبار وردت من سوس سنة 1092هـ/1681م، أكدت أن أتراك الجزائر الذين فتحوا ضده واجهة في الشرق المغربي كانوا أيضا وراء تمرد “ابن محرز” في الجنوب حيث ضبطت بعثات متبادلة ومراسلات منتظمة انتهت إلى عقد حلف سري بين أولئك وبين عناصر التمرد (5). فقد شهد عام 1103ﻫ في يومه السابع عشر من شهر شعبان قدوم على “الغرناطي” رفقة “الزيتوني” و” ابن صالح ” بمكناس بالعدة ودفع الراتب للرماة، وخلال يوم الأربعاء رابع رمضان نزل “مولاي زيدان” بوادي فاس وبالغد نزل بسبو، ونزلت محلة فاس هنالك معه، ومن الغد وهو يوم السبت سابع رمضان تم الرحيل من سبو، ثم في يوم السابع والعشرين منه وقع قتال بينهم وبين الترك ومات القائد العربي “بن صالح” وغيره وهرب بعض رماة فاس ووصل بعضهم لفاس يوم الاثنين وهو يوم العيد وخرج حاكم المدينة يجمعهم، وكان يوم الاثنين ثامن شوال العام حدثا لخروج السلطان الذي بات بسبو وأيضا يوم الاثنين خامس عشر منه جاء الخبر بأن السلطان عمل مع الترك صلحا وفي يوم الاثنين الثاني والعشرين منه رجع الرماة وفي السابع والعشرين منه خرج ابن السلطان مع فقهاء للجزائر(6).
إقرأ المزيد على العمق المغربي : https://al3omk.com/58031.htmlوفي سنة 1106 هـ، خرج “مولاي زيدان” من فاس بمحلته للترك بعد أن قتل الخليفة “أحمد السلاوي” بفاس وحاربها ونهب ما وجد ورجع في العام سبعة ومائة وألف ورد كتاب السلطان العثماني على مولانا إسماعيل يأمره بالصلح مع أهل الجزائر(7). ومن بين الرسائل التي نجدها بين الدولتين، نجد أن الباب العالي يبعث في السنة الموالية 1107ﻫ/1696م سفارة إلى البلاط المولى إسماعيل الذي كان بدوره قد أرسل بوفادة التهنئة للسلطان مصطفى الثاني بمناسبة تقلده الحكم فقد وصلت السفارة ومعها رسالتان من اسطنبول كانتا ضمن ما عثر عليه في أرشيف اسطنبول، الأولى ولو أنها لا تحمل تاريخا إلا أن مضمونها يكشف على أنها كانت بعد تولي مصطفى الثاني الحكم، ونقل ملخصها إلى العربي :” لقد ورد علينا كتابكم الذي يعبر عن الود والصداقة المتوارثين فيما بين الأمتين وإنه من حين جلوسنا على العرش ونحن نقوم بأنفسنا على تقرير قواعد الملة خدمة لمصالح الأمة ورفعا لراية الجهاد وحماية الثغور الإسلامية وأننا لن نسمح بقيام المحظورات الشرعية في بلادنا…”، أما الرسالة الثانية فتتناول موضوع شكاية الجزائر إلى اسطنبول من مولاي إسماعيل حيث نجد أن الداي يوهم الباب العالي بأن الوجود التركي في الجزائر مهدد من طرف المغرب، وبهذا نفسر خطاب السلطان مصطفى الثاني باللغة العربية وهو ينتدب “الجليل بن الجليل” للصلح مع الجزائر ولكن الخطاب، إضافة إلى هذا يحمل بين سطوره معاني التهديد والتعامل”(8).
إقرأ المزيد على العمق المغربي : https://al3omk.com/58031.html1. التازي،عبد الهادي، التاريخ الديبلوماسي للمغرب من أقدم العصور إلى اليوم، المجلد التاسع، الهيئة العامة لمكتبة الإسكندرية، مطبعة فضالة، المحمدية، 1988م، ج 1، ص. 12-13. 2.الفيلالي، عبد الكريم، التاريخ السياسي للمغرب العربي الكبير، ناس للطباعة، القاهرة، ج 4 ،الطبعة الأولى، 2006، ص. 220. 3.التازي، عبد الهادي، التاريخ الديبلوماسي للمغرب…، م.س.، ص. 13. 4.الفيلالي، عبد الكريم، التاريخ السياسي للمغرب العربي الكبير، م.س.، ص. 220. 5. التازي، عبد الهادي، التاريخ الديبلوماسي للمغرب…، م.س.، ص.13 6.الرباطي، الضعيف، محمد بن عبد السلام، تاريخ الضعيف(تاريخ الدولة السعيدة)، تحقيق وتعليق وتقديم أحمد العماري، نشر دار المأثورات،الرباط، ط 1، 1989م، ص. 76. 7. الكنسوسي، أبي عبدالله محمد بن أحمد، الجيش العرمرم الخماسي في دولة أولاد مولانا علي السجلماسي، تقديم وتحقيق وتعليق الأستاذ أحمد العماري، نشر دار المأثورات، الرباط، ط 1، 1986م، ص. 143. 8. التازي، عبد الهادي، التاريخ الديبلوماسي للمغرب من أقدم العصور إلى اليوم، المجلد التاسع، الهيئة العامة لمكتبة الإسكندرية، مطبعة فضالة، المحمدية، ج 1، 1988م، ص. 18. 9. التازي، عبد الهادي، التاريخ الديبلوماسي للمغرب…، المجلد التاسع، م.س.، ص. 18-20. 10. -حسين مؤنس، تاريخ المغرب وحضارته: من قبيل الفتح الإسلامي إلى الغزو الأوربي، المجلد الثاني،العصر الحديث( دار النشر ) النشر والتوزيع، بيروت، ط 1، 1992 م، ص. 273 المجلد التاسع، م.س.، ص.22-23 11. التازي، عبد الهادي، التاريخ الديبلوماسي للمغرب…، المجلد التاسع، م.س.، ص. 21. 12. التازي، عبد الهادي، التاريخ الديبلوماسي للمغرب…، المجلد التاسع، م.س.، ص.22-23 بقلم لحرش رضوان شارك المقال مع أصدقائك مقالات ذات صلة صحيفة: طائرة ركاب بريطانية تفادت صاروخا قرب شرم الشيخ غشت الماضي
إقرأ المزيد على العمق المغربي : https://al3omk.com/58031.html
Brak komentarzy:
Prześlij komentarz