11 ديسمبر 1960:عندما تنتصر إرادة الشعب على غطرسة المستعمر
- : عبد الحق عليوة
- الزيارات: 2067
التاريخ ذاكرة الشعوب، والأمة التي تنسى تاريخها كالرجل الذي فقد ذاكرته سواء بسواء، وتاريخنا الجزائري حافل بالأمجاد والبطولات التي أثرت سجل تاريخ أمتنا الإسلامية، وها هي تطل علينا مناسبة عزيزة على قلوبنا ألاّ وهي ذكرى أحداث مظاهرات 11 ديسمبر 1960 التي بيّنت للقريب والبعيد وحدة الشعب الجزائري والتفافه حول مقومات حضارته (الدين ـ واللغة ـ والتاريخ)،
وعدم التفريط في هويته مهما كلفه ذلك من ثمن وتضحيات، ورحم الله الشيخ المجدد ابن باديس الذي حدد معالم الشخصية الجزائرية في أبياته الشهيرة:
شعب الجزائر مسلــــم وإلى العروبة ينتسب
من قال حاد عن أصله أو قال مات فقد كذب
أو رام إدماجا لــــــــــه رام المحال من الطلب
بعد 55 سنة من تاريخ اليوم خرج الجزائريون في مظاهرة سلمية يوم 11 ديسمبر 1960 لتأكيد مبدأ تقرير المصير للشعب الجزائري ضد سياسة الجنرال ديغول الرامية إلى الإبقاء على الجزائر جزء من فرنسا في إطار فكرة الجزائر الجزائرية من جهة وضد موقف المعمرين الفرنسيين الذين مازالوا يحلمون بفكرة الجزائر فرنسية.
أســبــاب الــمــظــاهـــرات
إلى غاية 1960 كان ديغول يعتقد أن بإمكان فرنسا أن تحقق نصرا عسكريا وكانت سياسته تستند إلـى هذا الاعتقاد ولكنه أمام الانتصارات التي حققتها جبهة التحرير وجيش التحرير الوطني اقتنع أن الطرق الى النصر أصبح مسدودا وقد لمس هذه الحقيقة عندما زار الجزائر في ديسمبر 1960 لشرح سياسته الجديدة، فاستقبله الجزائريون يحملون العلم الوطني وينادون بشعارات الجبهة فيما عرف بمظاهرات 11 - 12 - 1960 وتعود أسباب هذه المظاهرات الى:
1 -التعبير عن مدى تمثيل جبهة التحرير للشعب الجزائري والتعبير عن تزكية قيادة هذه الجبهة وتزكية توجهاتها السياسية التي كانت تصدرها للشعب الجزائري.
2 - السعي لإفشال القوة الثالثة التي سعى ديغول لتكوينها لـلـتـفـاوض معها وبالتالي إنكار وجود جبهة التحرير الوطني.
3 - إن استقرار الأوضاع في الجزائر وحقيقة التحكم في زمام الأمور حسبما يدعي جيش الإحتلال الفرنسي فكرة خاطئة وأن التقارير التي تقدم لديغول مـزيـفـة لا تعبر عن الحقيقة.
ســيــر الــمــظـــاهـــرات
بعد وقائع المظاهرات المساندة لسياسة ديغول يوم 9 ديسمبر، ومظاهرات المعمرين يوم 10 منه، جاء زحف المظاهرات الشعبية بقيادة جبهة التحرير الوطني يوم 11 ديسمبر ليعبّر عن وحدة الوطن والتفاف الشعب حول الثورة مطالبا بالاستقلال التام.
خرجت مختلف الشرائح في تجمعات شعبية في الساحات العامة عبر المدن الجزائرية كلها، ففي الجزائر العاصمة عرفت ساحة الورشات (أول ماي حاليا) كثافة شعبية متماسكة مجندة وراء العلم الوطني وشعارات الاستقلال وحياة جبهة التحرير، وعمّت شوارع ميشلي (ديدوش مراد حاليا) وتصدّت لها القوات الاستعمارية والمعمرون المتظاهرون وتوزعت المظاهرات في الأحياء الشعبية في بلكور وسلامبي (ديار المحصول حاليا) وباب الوادي، والحراش، وبئر مراد ريس، والقبة، وبئر خادم، وديار العاد ، والقصبة، ومناخ فرنسا (وادي قريش)، كانت الشعارات متحدة كلها حول: “رفع العلم الوطني وجبهة التحرير الوطني والحكومة المؤقتة وتحيا الجزائر”، وتوسعت المظاهرات لتشمل العديد من المدن الجزائرية وهران، الشلف، البليدة، قسنطينة، عنابة وغيرها حمل فيها الشعب نفس الشعارات ودامت المظاهرات أزيد من أسبوع.
تصدي القوات الاستعمارية للمتظاهرين وقمعهم
وفي مدينة وهران الواقعة غرب الجزائر، خرج غلاة الفرنسيين ينددون بديغول ويتمنون له المشقة مرددين شعار الجزائر فرنسية، ومن جانبهم خرج الجزائريون ينادون باستقلال الجزائر، ومع تدخل القوات الاستعمارية في عمق الأحياء العربية سقطت العديد من الأرواح الجزائرية دون أن تمنع خروج المتظاهرين إلى الشوارع في اليوم الموالي هاتفين بالاستقلال وحياة جبهة التحرير الوطني.
وبعيدا عن العاصمة ووهران، دامت المظاهرات أزيد من أسبوع شملت قسنطينة، عنابة، سيدي بلعباس، الشلف، البليدة، بجاية، تيبازة وغيرها، بينّت كلها بفعل الصدى الذي أحدثته على أكثر من صعيد، حالة الارتباك التي أصابت الاستعمار وبرهنت مدى إصرار الشعب الجزائري على افتكاك السيادة المسلوبة، وبالمناسبة ألقى فرحات عباس في 16 ديسمبر 1960 خطابا في شكل نداء أشاد فيه ببسالة الشعب، وفضح فيه للعلن وحشية وغطرسة الاستعمار.
موقف الحكومة المؤقتة من التظاهرات
بعد أن حققت جبهة التحرير انتصارا سياسيا واضحا ردا على سياسة ديغول والمعمرين معا، ألقى الرئيس فرحات عباس يوم 16 ديسمبر 1960 خطــابـا في شكل نداء أشاد فيه ببسالة الشعب وتمسكه بالاستقلال الوطني وإفشاله للسياسة الاستعمارية والجرائم المرتكبة ضد المدنيين العزّل.
نتائج المظاهرات السلمية
لقد أكدت المظاهرات الشعبية حقيقة الاستعمار الفرنسي الإجرامية وفظاعته أمام العالم، كما عبرت حسب المؤرخين والعارفين بشؤون التاريخ الجزائري عن تلاحم الشعب الجزائري وتماسكه وتجنيده وراء مبادئ جبهة التحرير الوطني والقضاء على سياسة ديغول المتمثلة في فكرة (الجزائر جزائرية) وفكرة المعمرين (الجزائر فرنسية)، أما على المستوى الدولي فقد برهنت المظاهرات الشعبية على مساندة مطلقة لجبهة التحرير الوطني، واقتنعت هيئة الأمم المتحدة بإدراج ملف القضية الجزائرية في جدول أعمالها وصوّتت اللجنة السياسية للجمعية العامة لصالح القضية الجزائرية ورفضت المبررات الفرنسية الداعية إلى تضليل الرأي العام العالمي.
كما ساهمت من جهة أخرى في اتساع دائرة التضامن مع الشعب الجزائري عبر العالم خاصة في العالم العربي، وخرجت الجماهير الشعبية في مظاهرات تأييد، ودخلت فرنسا في نفق من الصراعات الداخلية وتعرضت إلى عزلة دولية بضغط من الشعوب، الأمر الذي أجبر ديغول على الدخول في مفاوضات مع جبهة التحرير الممثل الشرعي والوحيد للشعب الجزائري، وهو الأمل الوحيد لإنقاذ فرنسا من الانهيار الكلي.
شعب الجزائر مسلــــم وإلى العروبة ينتسب
من قال حاد عن أصله أو قال مات فقد كذب
أو رام إدماجا لــــــــــه رام المحال من الطلب
بعد 55 سنة من تاريخ اليوم خرج الجزائريون في مظاهرة سلمية يوم 11 ديسمبر 1960 لتأكيد مبدأ تقرير المصير للشعب الجزائري ضد سياسة الجنرال ديغول الرامية إلى الإبقاء على الجزائر جزء من فرنسا في إطار فكرة الجزائر الجزائرية من جهة وضد موقف المعمرين الفرنسيين الذين مازالوا يحلمون بفكرة الجزائر فرنسية.
أســبــاب الــمــظــاهـــرات
إلى غاية 1960 كان ديغول يعتقد أن بإمكان فرنسا أن تحقق نصرا عسكريا وكانت سياسته تستند إلـى هذا الاعتقاد ولكنه أمام الانتصارات التي حققتها جبهة التحرير وجيش التحرير الوطني اقتنع أن الطرق الى النصر أصبح مسدودا وقد لمس هذه الحقيقة عندما زار الجزائر في ديسمبر 1960 لشرح سياسته الجديدة، فاستقبله الجزائريون يحملون العلم الوطني وينادون بشعارات الجبهة فيما عرف بمظاهرات 11 - 12 - 1960 وتعود أسباب هذه المظاهرات الى:
1 -التعبير عن مدى تمثيل جبهة التحرير للشعب الجزائري والتعبير عن تزكية قيادة هذه الجبهة وتزكية توجهاتها السياسية التي كانت تصدرها للشعب الجزائري.
2 - السعي لإفشال القوة الثالثة التي سعى ديغول لتكوينها لـلـتـفـاوض معها وبالتالي إنكار وجود جبهة التحرير الوطني.
3 - إن استقرار الأوضاع في الجزائر وحقيقة التحكم في زمام الأمور حسبما يدعي جيش الإحتلال الفرنسي فكرة خاطئة وأن التقارير التي تقدم لديغول مـزيـفـة لا تعبر عن الحقيقة.
ســيــر الــمــظـــاهـــرات
بعد وقائع المظاهرات المساندة لسياسة ديغول يوم 9 ديسمبر، ومظاهرات المعمرين يوم 10 منه، جاء زحف المظاهرات الشعبية بقيادة جبهة التحرير الوطني يوم 11 ديسمبر ليعبّر عن وحدة الوطن والتفاف الشعب حول الثورة مطالبا بالاستقلال التام.
خرجت مختلف الشرائح في تجمعات شعبية في الساحات العامة عبر المدن الجزائرية كلها، ففي الجزائر العاصمة عرفت ساحة الورشات (أول ماي حاليا) كثافة شعبية متماسكة مجندة وراء العلم الوطني وشعارات الاستقلال وحياة جبهة التحرير، وعمّت شوارع ميشلي (ديدوش مراد حاليا) وتصدّت لها القوات الاستعمارية والمعمرون المتظاهرون وتوزعت المظاهرات في الأحياء الشعبية في بلكور وسلامبي (ديار المحصول حاليا) وباب الوادي، والحراش، وبئر مراد ريس، والقبة، وبئر خادم، وديار العاد ، والقصبة، ومناخ فرنسا (وادي قريش)، كانت الشعارات متحدة كلها حول: “رفع العلم الوطني وجبهة التحرير الوطني والحكومة المؤقتة وتحيا الجزائر”، وتوسعت المظاهرات لتشمل العديد من المدن الجزائرية وهران، الشلف، البليدة، قسنطينة، عنابة وغيرها حمل فيها الشعب نفس الشعارات ودامت المظاهرات أزيد من أسبوع.
تصدي القوات الاستعمارية للمتظاهرين وقمعهم
وفي مدينة وهران الواقعة غرب الجزائر، خرج غلاة الفرنسيين ينددون بديغول ويتمنون له المشقة مرددين شعار الجزائر فرنسية، ومن جانبهم خرج الجزائريون ينادون باستقلال الجزائر، ومع تدخل القوات الاستعمارية في عمق الأحياء العربية سقطت العديد من الأرواح الجزائرية دون أن تمنع خروج المتظاهرين إلى الشوارع في اليوم الموالي هاتفين بالاستقلال وحياة جبهة التحرير الوطني.
وبعيدا عن العاصمة ووهران، دامت المظاهرات أزيد من أسبوع شملت قسنطينة، عنابة، سيدي بلعباس، الشلف، البليدة، بجاية، تيبازة وغيرها، بينّت كلها بفعل الصدى الذي أحدثته على أكثر من صعيد، حالة الارتباك التي أصابت الاستعمار وبرهنت مدى إصرار الشعب الجزائري على افتكاك السيادة المسلوبة، وبالمناسبة ألقى فرحات عباس في 16 ديسمبر 1960 خطابا في شكل نداء أشاد فيه ببسالة الشعب، وفضح فيه للعلن وحشية وغطرسة الاستعمار.
موقف الحكومة المؤقتة من التظاهرات
بعد أن حققت جبهة التحرير انتصارا سياسيا واضحا ردا على سياسة ديغول والمعمرين معا، ألقى الرئيس فرحات عباس يوم 16 ديسمبر 1960 خطــابـا في شكل نداء أشاد فيه ببسالة الشعب وتمسكه بالاستقلال الوطني وإفشاله للسياسة الاستعمارية والجرائم المرتكبة ضد المدنيين العزّل.
نتائج المظاهرات السلمية
لقد أكدت المظاهرات الشعبية حقيقة الاستعمار الفرنسي الإجرامية وفظاعته أمام العالم، كما عبرت حسب المؤرخين والعارفين بشؤون التاريخ الجزائري عن تلاحم الشعب الجزائري وتماسكه وتجنيده وراء مبادئ جبهة التحرير الوطني والقضاء على سياسة ديغول المتمثلة في فكرة (الجزائر جزائرية) وفكرة المعمرين (الجزائر فرنسية)، أما على المستوى الدولي فقد برهنت المظاهرات الشعبية على مساندة مطلقة لجبهة التحرير الوطني، واقتنعت هيئة الأمم المتحدة بإدراج ملف القضية الجزائرية في جدول أعمالها وصوّتت اللجنة السياسية للجمعية العامة لصالح القضية الجزائرية ورفضت المبررات الفرنسية الداعية إلى تضليل الرأي العام العالمي.
كما ساهمت من جهة أخرى في اتساع دائرة التضامن مع الشعب الجزائري عبر العالم خاصة في العالم العربي، وخرجت الجماهير الشعبية في مظاهرات تأييد، ودخلت فرنسا في نفق من الصراعات الداخلية وتعرضت إلى عزلة دولية بضغط من الشعوب، الأمر الذي أجبر ديغول على الدخول في مفاوضات مع جبهة التحرير الممثل الشرعي والوحيد للشعب الجزائري، وهو الأمل الوحيد لإنقاذ فرنسا من الانهيار الكلي.
Brak komentarzy:
Prześlij komentarz